أشاد خبيران فى الشأن التركى بزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى تركيا، واعتبرا أنها تأتى فى وقت حساس وتحمل أهمية كبيرة للتنسيق فى مختلف المجالات، خصوصًا أن مصر تحمل على عاتقها القضية الفلسطينية والأزمة فى غزة.
وقال الدكتور محمود علوش، الخبير فى الشأن التركى، إن الزيارة تجعل التقارب المصرى – التركى عنصرًا مؤثرًا فى عملية إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية الإقليمية، وتتجاوز أهميتها التأكيد على الوضع الجديد فى العلاقات إلى إطلاق مجلس التعاون الاستراتيجى بين البلدين.
وأكد علوش، فى تصريحات صحفية، أن مشروع الشراكة الاستراتيجية الثنائية فى طور النمو، وسيبرز رفع حجم مستوى التبادل التجارى السنوى من 9 مليارات دولار أمريكى إلى 15 مليار دولار والتعاون الثنائى فى تجارة الطاقة، وعلى مستوى السياسات الخارجية، يبرز الانخراط المشترك فى القرن الإفريقى وفى إنهاء الصراع فى ليبيا، وتعزيز التنسيق فى سياسات البلدين إزاء القضية الفلسطينية وفى قضية غزة، إذ إن مصر تحمل على عاتقها القضية الفلسطينية وتبذل جهودها فى إنهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع.
وتابع: «لقد تزامن التحول الكبير فى العلاقات الثنائية مع حرب 7 أكتوبر، وارتداداتها الإقليمية وانعكاسات المنافسة الجيوسياسية العالمية الجديدة على الشرق الأوسط واقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التى قد تُعيد ترامب إلى البيت الأبيض وما يعنيه ذلك من تراجع الانخراط الأمريكى فى المنطقة، يجعل التقارب التركى المصرى عنصرًا مؤثرًا فى عملية إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية الإقليمية».
ولفت إلى أن الأولويات المُلحة للبلدين فى الوقت الراهن تفرض نفسها على الأولويات الأخرى، التى تتمثل أولًا فى تعزيز دبلوماسية القادة بين الزعيمين السيسى وأردوغان، وثانيًا فى استخدام الفرص المتاحة فى جميع المجالات، وخصوصًا الاقتصادية كأرضية تأسيسية لمشروع الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وثالثًا فى مواءمة السياسات الخارجية للبلدين فى القضايا التى ينخرطان فيها بشكل قوى، مثل ليبيا وشرق البحر المتوسط والقرن الإفريقى والقضية الفلسطينية.
وأوضح أنه على الرغم من أن الصراع الجيوسياسى فى شرق البحر المتوسط يُشكل حجر زاوية رئيسيًا فى تشكيل العلاقات المصرية – التركية، إلا أن عملية مواءمة سياسات البلدين فيه تواجه تحديات كبيرة بفعل تعدد وتعقيدات الديناميكيات المؤثرة فيه، ويُمكن أن تكون عملية المواءمة فى شرق البحر المتوسط هدفًا على المدى البعيد.
وأكد علوش أنه بالنظر إلى أن البلدين لديهما أهداف ومصالح جيوسياسية بالنسبة إلى ليبيا وشرق البحر المتوسط والقرن الإفريقى، وبالتالى فإن التوقّعات المعقولة تُساعدهما فى تحقيق مواءمة لسياستهما إلى حد يسهم فى إيجاد هامش قوى للتعاون فى هذه المجالات، يُمكن أن يعزز عملية مواءمة السياسات على نحو يرجع بالفوائد المشتركة على مصالح البلدين فى القضايا الإقليمية الأكثر أهمية لكليهما.
من جهته اعتبر الدكتور مهند أوغلو، الخبير فى الشأن التركى، أن زيارة الرئيس السيسى إلى تركيا فى غاية الأهمية وفى توقيت حساس على المستوى الإقليمى وعلى المستوى الثنائى على حد سواء، وإذا كانت قد سبقت زيارة أردوغان إلى القاهرة فى وقت سابق، إلا أن زيارة السيسى تأتى فى سياق أكثر سخونة على المستوى الأمنى، وكذلك على المستوى السياسى فى المنطقة، فضلًا عن الآفاق الاقتصادية التى تحاول كل من القاهرة وأنقرة أن تزيدان من هذه المنافع الاقتصادية.
وتابع: لكن التوترات فى ملفات حساسة خطيرة تحديدًا غزة وليبيا، وكذلك الملف السورى، حاضرة بقوة فى هذه الزيارة، وسوف يكون لها ما بعدها ولن يكون ما قبلها مثل الذى بعدها، وأظن أننا سوف ندخل فى مرحلة مختلفة، خصوصًا أنها تأتى بعد اتصال ولى العهد السعودى بالزعيمين، ما يعنى أن هناك تنسيقًا عربيًا تركيًا مشتركًا فى ملفات المنطقة وتفتح صفحة جديدة بين البلدين المهمتين وذات الثقل الكبير، فمصر صاحبة الحضارة والتاريخ.