
يقول قائل: “إن الخطاب السياسي في بلدنا هو عبارة عن خطوبة يتقدم من خلالها العريس السياسي بمستقبله ومشروعه الضخم المتواجد في مخيلته، والذي يتفاعل معه أهل العروس ظانين فيه الخير فيدعمونه ويؤزرونه حتى يبلغ مبتغاه، ويستكمل مشروعه ويخرجه للوجود. وما أن يأخذ الكلمة والتي لطالما انتظرها أهل العروس الذين يرون فيه ملاذهم ومنجيهم من قهر ما تكبدوه من عناء، حتى يفاجئهم بصراحته الزائدة والجريئة: اشكركم على كل شيء بذلتموه من أجلي، لقد شكل نسبي لكم قوة سياسية ضغطت بها على أعدائي، فقد انسقتم ورائي كالقطيع. الشيء الذي خول لي التغرير بكم واستغلال دوختكم لصالح طموحاتي وما كنت أنوي تحقيقه، والدفاع عنه يوم اعتنقت حزبي ومبادئه، فلا تلوموني لأني خذلتكم واتخذت منكم سُلماً لأرتقي”.
عبر سلسلة مقالات سأنشرها تباعًا سأحكي لكم تفاصيل كثيرة عن ذلك الشاب، هي بالطبع ستؤكد مدي حرصه علي أن يكون رقمًا في المعادلة السياسية – وفي هذه الجزئية هو لا ييأس من فعل أي شييء “مشروع” للوصول إلي ذلك الهدف-، نعرف جميعًا أن الطموح قيمة إيجابية تدفع الإنسان إلى الإبداع والتميز لكي يصل إلى هدفه المنشود، فهو مفتاح النجاح، والهدف الذي يسمو على توقعات الفرد وقدراته.
وسأستعير هذه الكلمات من مقال نشره الكاتب أحمد صقر عاشور سأوضح فيما بعد لماذا استعنت بها،
، قال فيه “تمثل شخصية عبده مشتاق امتدادًا لظاهرة النفاق والمداهنة والرياء ضمن تحولات سلبية أخرى فى المجتمع المصرى خلال العقود الأخيرة، وقد شاعت مظاهر هذه الشخصية فى الجهاز الإدارى للدولة وفى الجامعات الحكومية وفى المؤسسات العامة وفى الساحة السياسية والعمل العام. وتحمل هذه الشخصية مخاطر عالية بالنسبة لمؤسسات الدولة لأنها تسخر الموقع الذى تشغله لخدمة مصالحها وتطلعها المحموم وبكل الوسائل لتولى مواقع أعلى، بصرف النظر عن تحقيق إنجاز حقيقى فى موقعها الراهن. وإن تحقق بعض الإنجاز فهى تبذل جهدًا فائقًا فى إظهاره والمبالغة فيه. وهى تجامل كبار المسؤولين وتحاول توظيف الموقع الذى تشغله لتنمية صلات وعلاقات معهم، وتبالغ فى إظهار التأييد والثناء والمساندة للقيادات العليا فى كل مناسبة، وأيضًا بدون مناسبة. وفى الوقت المعاصر لا يُشترط أن تكون الشهية المحمومة للشخصية موجهة لتولى مناصب عليا فحسب، بل قد تكون موجهة للوجود فى معية أهل السلطة أو بالقرب منهم. كما أن هذه الشهية لدى فئة «المشتاقين» قد تضطرم حمية واشتعالًا بعد تذوق طعم السلطة ثم تركها بعد الاستغناء عن خدماتهم. وأملًا فى العودة أو إسناد منصب عالٍ آخر، تظل هذه الشخصية تظهر البراعة والولاء للنظام وقياداته بشتى الوسائل. لكن بعض هذه الفئة يلجأ، عندما يتيقن أن فرصه قد نضبت وزمنه قد انتهى (بحكم تغير النظام أو قياداته) إلى استخدام صلاته وعلاقاته التى نماها خلال شغله الموقع الرفيع فى استثمار هذه الصلات والعلاقات فى جنى منافع عالية، بالقيام بدور الخبير أو تشهيل الأعمال لدى المستويات العليا أو بالدخول فى شراكة مع مشروعات أعمال أو غير ذلك. ويتمثل جزء مهم من أدوات وأساليب عمل الشخصية فى علاقاتها بوسائل الإعلام والصحافة (الموالية للنظام)، حيث تسعى أن تكون لها صلات داعمة مع ذوى التأثير فى هذا القطاع بما لهم من حظوة لدى النظام وقدرة على تشكيل الرأى العام تجاه شاغلى المواقع العليا فى مؤسسات الدولة. وتحرص هذه الشخصية على تقوية هذه الصلات ليس فقط خلال مرحلة السعى و«الاشتياق»، وإنما فى كل الحالات (تولى مواقع عليا، وبعد تركها).
جزء مهم من تأهيل فرص هذه الشخصية لتولى مواقع قيادية أو للحصول على مغانم من النظام القائم يتمثل فى الانضمام إلى الأحزاب والتجمعات الموالية للنظام أو المرضى عنها منه (المستأنسة)، وكذلك التقرب وإظهار «حسن السير والسلوك» للجهات والمؤسسات ذات النفوذ فى الدولة، وتنمية علاقات جيدة معها”.
إذن الطموح سمة شديدة الالتصاق بالشباب، لذا نراهم في أغلب الأحيان يرسمون صوراً مشرقة لمستقبلهم، ويحلمون من خلالها بتحقيق أهدافهم وآمالهم المنشودة؛ إلا أن ذلك يتطلب منهم الإدراك بأن طريق المستقبل ليست معبدة أمام الجميع، بل هي مليئة بالتحديات والصعوبات، ولكنها لا تخلو من الفرص والإمكانات، والمبدع هو من يستطيع تجاوز الصعوبات ومواجهة التحديات واغتنام الفرص للصعود إلى قمة النجاح.
.