أخبار

فساد يضرب منظومة الكهرباء في شركة الحلمية.. والمواطن هو الضحية

في وقت يتطلع فيه المواطنون إلى خدمات كهرباء مستقرة وآمنة، تكشف الوقائع اليومية عن حجم الفساد المتغلغل في منظومة الكهرباء التابعة لشركة الحلمية لتوزيع الكهرباء، حيث تتكرّر الشكاوى من تعطيل التوصيلات، وفرض رسوم غير رسمية، وتجاهل طلبات المواطنين إلا من خلال “وسطاء” أو “مقاولين بعينهم”.

❖ تأخير مقصود.. وابتزاز خفي

يشتكي عدد من سكان المناطق الجديدة في نطاق شركة الحلمية من تأخيرات غير مبررة في توصيل التيار الكهربائي رغم استيفاء كل الأوراق وسداد الرسوم. يقول (م.ع) أحد المتضررين:

“قدّمت الطلب من 6 شهور، وكل يوم يطلّعوني على سبب جديد، لحد ما فهمت إن مفيش حاجة هتتحرك غير لما تدفع لفلان أو علان”.

ويضيف آخر:

“فيه شركة واحدة بس بتشتغل في منطقتنا، ولو جبت مقاولي الخاص بيرفضوا استلام الشغل، وبيقولوا لازم عن طريق الشركة دي اللي أصلاً تابع لمهندس كبير في الشركة”.

❖ منظومة تخدم “الكبار فقط”

في الوقت الذي تتوسع فيه مشروعات الدولة بمجال الطاقة وتحديث البنية التحتية، تواجه شركة الحلمية لتوزيع الكهرباء اتهامات غير مباشرة بالتسبب في تدهور جودة الخدمة، وتأخر عمليات التوصيل، وغياب الشفافية في تنفيذ الأعمال، وسط صمت مؤسسي يثير التساؤلات.

❖ تعطيل بلا مبرر.. وخدمة مشروطة

رصدت عدة جهات مجتمع مدني حالات متكررة لمواطنين تقدموا بطلبات توصيل تيار كهربائي مكتملة الأوراق، ودفعوا الرسوم المقررة قانونًا، إلا أن الطلبات تأخرت لفترات طويلة دون مبررات واضحة.

وفي عدد من تلك الحالات، لم يتم استكمال الإجراء إلا بعد تدخل أطراف “وسيطة”، ما يشير إلى احتمال وجود خلل داخلي في آليات التنفيذ ومخالفات غير رسمية في إدارة التوصيلات.

❖ شركات منفذة بلا مناقصات واضحة

أحد أبرز مظاهر الخلل يكمن في الاعتماد شبه الكامل على شركات معينة لتنفيذ أعمال الكهرباء في بعض المناطق، دون إعلان واضح لمناقصات أو ترسية شفافة. هذا الوضع يخلق حالة من الشك حول مدى تكافؤ الفرص، ويضع علامات استفهام حول العلاقة بين هذه الجهات المنفذة وبعض المسؤولين في الشركة.

ويُعد غياب المنافسة في تنفيذ أعمال البنية التحتية خطرًا مباشرًا على الجودة، كما يفتح الباب أمام تضارب المصالح.

❖ خدمة المواطن تخضع لـ”اجتهادات شخصية”

الملاحظ أن الحصول على خدمة الكهرباء في بعض مناطق الحلمية لم يعد مرتبطًا فقط بإجراءات رسمية، بل بات مرهونًا بمدى “العلاقة” أو “الواسطة”، ما يجعل الخدمة العامة تخضع لاجتهادات فردية بدلاً من النظام المؤسسي.

هذا الأمر لا يسيء فقط للمواطن، بل يُضعف من صورة القطاع بأكمله، ويفتح المجال أمام سلوكيات غير قانونية وغير أخلاقية.

❖ أين الجهات الرقابية؟

الغياب شبه الكامل للرقابة الداخلية والخارجية على أداء الشركة يطرح تساؤلات مشروعة حول:

  • مدى الالتزام بمعايير الجودة في التوصيل والصيانة.
  • كيفية مراقبة ترسية الأعمال الفنية.
  • مصير شكاوى المواطنين التي لا تجد أحيانًا طريقها للرد أو التحقيق الجاد.

❖ المطالبة بالتحقيق والمحاسبة

إن ما يحدث في نطاق شركة الحلمية من تأخيرات، غموض، واعتماد انتقائي على شركات بعينها، يستوجب فتح تحقيق إداري عاجل من جهة رقابية محايدة، خاصة وأن هذه الممارسات تتكرر في أكثر من منطقة وبشكل لافت.

❖ الكلمة للمواطن

المواطن الذي يلتزم بالسداد ويؤمن بدور المؤسسات، من حقه أن ينال خدمته بعدالة وكرامة، لا أن يُترك رهينة لتباطؤ الروتين، أو أطراف تستغل غياب الشفافية.

❖ تجاهل للقضاء.. ومخاطر تهدد الأرواح

في بعض المناطق، أصدر القضاء أحكامًا بإزالة أو نقل محولات كهرباء تمثل خطرًا على السكان، لكنها بقيت في مكانها دون تنفيذ، ما يعكس استهتارًا واضحًا بأرواح الناس.
يقول أحد المواطنين من الحلمية القديمة:

“قدمنا بلاغات ونفذنا حكم محكمة، لكن الشركة رفضت التنفيذ، ولما سألنا قالولنا الموضوع (فوق).”

❖ غياب الرقابة.. وصمت مريب

الملفت في الأمر أن كل هذه التجاوزات تتم في ظل غياب رقابي كامل، فلا متابعة من الجهات الرقابية، ولا استجابة من الشركة القابضة لكهرباء مصر، رغم تكرار الشكاوى في أكثر من منطقة.

❖ متى نرى العدالة؟

المواطن لا يطلب أكثر من حقه في خدمة عامة محترمة، وسرعة في الأداء، دون الحاجة إلى الدفع من “تحت الطاولة” أو التعامل مع “مقاولين حصريين”.
فهل نرى قريبًا فتح تحقيق شفاف في هذه الانتهاكات؟
هل نسمع عن محاسبة مسؤول تلاعب بأرواح ومصالح المواطنين؟
أم يبقى الحال على ما هو عليه.. ويدفع المواطن الثمن وحده؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى