أخبارأخبار عاجلةسياسة

المبعوثون الأمميون.. نذر تعقيد وإشعال للصراعات أم أصحاب حلول

تثير نشاطات مبعوثي الأمم المتحدة في الدول التي تشهد صراعات الشك أكثر من الاطمئنان، خصوصا أن السنوات التي يقضونها في التواصل مع أطراف الصراع ونشاطاتهم تزيد من الانقسام وتمهد للفتن وتعقّد محاولات التوصل لحلول سلمية.
وأبرز مثال لذلك ما تشهده السودان ومن قبلها ليبيا واليمن، حيث لم تثمر جهود المبعوثين الأمميين أي نجاحات، ولكن الدول الثلاث عاشت واقعا صعبا مع هؤلاء المبعوثين الذين يطلقون تصريحات متشابهة ويتبنون خططًا لا تؤدي لإحراز تقدم من أي نوع، كما ثبت أن هؤلاء المبعوثين غير محايدين كما هو مطلوب، إذ يتجنبون إدانة أي طرف، ويصدرون بيانات عامة تصف المشكلة لكنها لا تنسبها لأحد ولا تطرح حلولا، وإذا حدث وأطلقوا مبادرة، عادة ما تصبح تمهيدا لأزمة جديدة أكثر تعقيدا من الأولى.
في السودان وهو المثال الأحدث، تبنى المبعوث الأممي الخاص في السودان فولكر بيرتس، دستورا انتقاليا وضعه تجمّع المهنيين السودانيين أو نقابة المحامين على وجه الدقة.. ورغم التفاؤل الحذر، إلا أن هذا الدستور الذي أدى لوضع اتفاق إطاري دفع جميع الأطراف إلى السير نحو الهاوية، كما أدى إلى تقسيم السودان بين قوى موقعة على الاتفاق الإطاري وأخرى مبعدة، وجعل من قوى هامشية رقما في المعادلة؛ ما يعني أن الوثيقة التي من المفترض أن تؤدي إلى تهدئة واستقرار الوضع في البلاد كانت الأساس الذي أشعل صراعا لا يمكن توقع نهاية سعيدة له.
وفي ليبيا، حدث الأمر ذاته بفعل نشاطات رؤساء البعثة الأممية الذين كوّنوا ما يسمى «ملتقى الحوار الوطني» وشكلوا أعضاءه بمعرفتهم، متجاهلين طبيعة ليبيا القبائلية والقوى السياسية الموجودة على الأرض، وقسموا الوزن النسبي للقوى بما يؤدي في النهاية إلى اختلال في التمثيل، وهو ما أدى لتفجير الأوضاع في ليبيا.. وبدلا من الاتجاه لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية تؤسس لعودة الدولة الليبية، مر عامين على الأقل دون إحراز تقدم على هذا الصعيد، بل تمسكت الأمم المتحدة بحكومة عبدالحميد الدبيبة المنتهية الولاية، بينما التقدم الوحيد الذي شهدته ليبيا جاء خلال المفاوضات الليبية- الليبية عبر اللجنة العسكرية «5+5»، ومنه فتح الطريق الدولي ووقف القتال بين شرق وغرب ليبيا.
وفي اليمن، حدث السيناريو نفسه على يد المبعوث الأممي، هانس جروندبرج، الذي شهدت ولايته تعاون المنظمة الأممية مع ميليشيات الحوثي لدرجة غض الطرف عن القمع الحوثي لليمنيين، والاستيلاء على ثروات البلاد، وتهريب الأسلحة تحت سمع وبصر مراقبي الأمم المتحدة.

والتقدم الوحيد الذي تشهده اليمن حاليا جاء كنتيجة للاتفاق بين السعودية وإيران برعاية الصين، وهو مؤشر على أن المنظمة لا تصلح كوسيط محايد أو نزيه. ويجب الاعتراف بأن منظمة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، مثل صندوق النقد والبنك الدوليين، مجرد أدوات للولايات المتحدة تستخدمها في إدارة الصراعات وليس حلها، وأحيانا تستخدمها في خططها لتقسيم الدول وزرع الفتنة بين الأطراف، باستثناء حالات قليلة مثل أوكرانيا التي فرت لها 15 مليار دولار قروضا عاجلة، بجانب تشكيل لجان لتقصي الحقائق بهدف إدانة روسيا وحسب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى